طبقصص

SW159 نساء متميزات في الجراحة

نساء متميزات في الجراحة

أفاقت كوني كالب [1]https://en.wikipedia.org/wiki/Connie_Culp من التخدير لترى وجهها، لقد اشتعل فرحا كما تشتعل أضواء الأعراس، وعطست لأول مرة منذ 5 سنوات، واشتمت رائحة علك النعناع بأنفها الجديد، لقد زرع في مقدمة رأسها وجه ليس لها، وجهها الأول تدمر عن بكرة أبيه بطلقة أطلقها زوجها عليها، يبدو إن مصاعب الحياة تراكمت عليه لتخرج الشر من داخله، أراد قتل زوجته ونفسه، فحمل الشوزن ووجه فوهته إليها، وضغط على الزناد، فتطايرت الكرات الصغيرة من السلاح على أنحاء وجهها، ثم سقطت على الأرض، ولكنها لم تمت، ثم أطلق على نفسه طلقة وسقط، ولكنه – هو أيضا – لم يمت.

لا تنسى أن تدعم السايوير بودكاست من خلال Patreon، كن مع الداعمين.
Become a Patron!

حينما أخذت للمستشفى كان في وجهها فتحة كبيرة، وفي أنحائه مئات الكرات الصغيرة المتكسرة من الطلقة، لقد انتشرت في كل زاوية منه، فقدت كوني عينا واحدة، وأنفها، والجيوب الأنفية بجانبه، وشفتها العلوية، وفكها العلوي، وكُسرت العظام في خدها، وعضلات وجهها، ولم تترك الطلقات المتطايرة حتى أعصاب وجهها، فقد انتزعتها منها، ولم ينجو إلا عينها الأخرى، وحنكها السفلي، وشفتها السفلية، وجبهتها، وحتى ما نجا منها لم ينجو بسلامة تامة.

لم تستطع التنفس إلا من خلال فتحة في رقبتها، ولم تستطع الشرب من كوب، ولا التذوق، ولا حتى اشتمام الروائح، إذا ما نظرت إلى وجهها من الجنب لرأيت إنه منبعج إلى الداخل في الوسط، وإذا ما نظرت إليه من الأمام ستجد عليه آثار 30 عملية جراحية حاولت إرجاع بعض الملامح البشرية لها، ولكنها لم توفق تماما، كان وجهها عبارة عن مجموعة من الخرداوات الجلدية والعظمية من نقلت من هنا وهناك من جسدها… فرنكنشتاين إمرأة.

اختبأت لسنوات في منزلها بعد الحادث الأليم، لم تخرج لأنها كان تخاف أن ترفض من عموم الناس، لقد أصبحت وحشا في نظر نفسها، وحتى نظر بعض الناس، وفي يوم من الأيام عند خروجها من المنزل سمعت طفلا يقول: “لقد قلت إن الوحوش غير موجودة يا ماما، ولكن هذا أحدها”، هذه هي ردة الفعل التي كانت تخشى منها، وهذه ردة الفعل التي أبقتها في منزلها لخمس سنوات، حتى يوم العملية النادرة من نوعها في عام 2008.

أُخذ الوجه من متبرعة توفت، وزرع في رأس كوني، الزراعة ليست ببساطة وضع جلدة على مقدمة الرأس، إنما كانت تتألف من تركيب العظام، والعضلات، والأعصاب، والأوعية الدموية، لقد أجريت عملية لزراعة 80% من وجهها، لم يُعلم إن كانت العملية ستؤتي ثمارها، ولكن حينما بدأ الدم بالضخ في الوجه، واحمر بعد كان لونه أبيضا، اطمأن الأطباء، فالعملية على خطى النجاح.

حينما أفاقت كوني من العملية، لقد كان وجهها مربعا، كبيرا بالنسبة لجسدها، وهذا ما أراده الجراحون بالضبط، حيث إن الزيادة في جلدة الوجه أفضل من النقصان، فبالإمكان إزالة الزيادة لاحقا. وبالإضافة لوجود شكل جديد لكوني، أصبحت قادرة على اشتمام الروائح من جديد، وتمكنت من أكل الأطعمة الجامدة، والشرب من كوب، وأصبح مستوى الألم المستمر في وجهها 1 من 10 بعدما كان 8 من 10، بل عادت لها بعض التعابير بعد سنوات لما كبرت وامتدت الأعصاب في وجهها، لقد استطاعت أن تبتسم، لقد أصبح لها وجها تواجه فيه العالم.

أجرت العملية الجراحية الدكتورة ماريا سيميوناو (Maria Seimionow) [2]https://en.wikipedia.org/wiki/Maria_Siemionow على مدى 22 ساعة، وكانت قائدة الفريق المكون من 17 شخصا من الجراحين والممرضين معظمهم من الرجال، وكانت تقوم بالجراحة بنفسها مع الفريق، حيث أعدت لها على مدى 10 سنوات من حياتها، لقد كانت هذه رابع عملية عالميا، وأول عملية جراحية لزراعة الوجه في الولايات المتحدة الأمريكية. ماريا سيميوناو تعتبر قائدة عالمية في تحسين إنماء الأعصاب، وفي تطوير المُضَعِّفات المناعية المخفضة بعد الزراعة، وتختص بزراعة الوجه، وجراحة اليد، وجراحة الأعصاب، وأمور أخرى كثيرة. الدكتورة ماريا أنثى جميلة تحب صبغ شعرها باللون الأشقر، وهي أم لولد واحد اسمه كريس، ولا تزال متزوجة من فلاديك. [3]https://www.webmd.com/skin-problems-and-treatments/news/20090506/surgeons-describe-first-us-face-transplant#1[4]

 
 

قرأت بعض الكتب عن كيفية كتابة القصص، أو سيناريو الأفلام والمسلسلات، وواحدة من النقاط الأساسية في كتابة السيناريو ألا تضع في القصة شيء لا علاقة له بها، فمثلا، إذا كتبت قصة عن جريمة حدثت، وكنت أشرح مسرح الجريمة، وأذكر فيه قطفة السجائر المرمية على الأرض وعليها أحمر الشفاه للمرأة التي حزت رقبتها، و الطاولة المحطمة من أثر سقطتها، وقطرات الدماء الممتدة على الأرض، والسكينة الملطخة، والبصمات على السكينة، ألا أقحم في هذه الصورة وصف الببغاء الذي كان يكرر كلمة أحبك… أحبك… أحبك، إلا إذا كان للببغاء صلة مباشرة في الموضوع، كمثل أن يكون شاهدا على الجريمة، وسيستفاد من الكلمة “أحبك” التي يكررها.

ستلاحظ إن في تلك القصة الواقعية لكوني كالب والدكتورة التي زرعت وجهها، والتي تعتبر بطلة القصة، أني ذكرت إن ماريا سيميوناو: “أنثى جميلة تحب صبغ شعرها باللون الأشقر، وهي أم لولد واحد اسمه كريس، ولا تزال متزوجة من فلاديك.” أمور لا علاقة لها بنجاح الدكتورة في قدرتها الفذة في زراعة الوجه، ولا مكانتها المرموقة في الجراحة عالميا، ولا لأي منها أثر في حياتها العلمية، فلماذا ذكرت هذه الأشياء؟ السبب يعود لتصريح شخص مشهور على التواصل الاجتماعي قال فيه: “لا توجد جراحة إمرأة في العالم متميزة، وإن وجدت فهي إحدى اثنتين: إما إنها غير متزوجة… أو إنها مسترجلة.” فحتى تكون هناك امرأة متميزة جدا في الجراحة فلابد أنها غير متزوجة حيث لا توجد عليها ضغوط الأسرة التي تمنعها من التميز أو إنها مسترجلة، من غير أي توضيح لمعنى مسترجلة.

كانت هذه الجملة هي الحطب والنار التي أشعلت تويتر، لم يقبل الكثير من الناس التصريح بمثل هذه العبارات المليئة بالمغالطات، من الواضح إنها لم تقال عن بحث جدي، إنما اعتمدت على رأي شخص دكتور واحد ومسبقات تقليدية، لذا رد عليه البعض بتقديم أمثلة لجراحات متميزات عالميا من خلال موقع على الإنترنت، وقدم له البعض أسماء نساء بارزات في الجراحة، وكعادة التواصل ستجد أيضا بعض الردود الجارحة، وفي المقابل أيضا ستجد من يتفق معه في الطرح، من غير أي علم ولا دراية في الموضوع، من ناحيتي قررت أن أبحث في الموضوع لأرى مدى صحة هذا الادعاء، وما حقيقته [4]https://www.ranker.com/list/famous-female-surgeons/reference.

تحليل معنى مسترجلة

أولا، وقبل أن أبدأ بطرح البحث من الناحية العلمية، أود أن أفكر في كلمة مسترجلات، يا ترى ماذا تعني؟ هل هي تلك المرأة التي تقص شعرها بحيث يصبح قصيرا جدا إلى درجة إنه لا يمكن تمييز شعرها عن شعر الرجل؟ طيب أي شعر نقصد، وبأي طول؟ كم يجب أن يكون طول شعر المرأة حتى نقول إنه أصبح رجوليا؟ لأن شعر الرجال يأتي بأطوال مختلفة وأحيانا طويلة، إلى درجة إنني كنت دعيت إلى ديوانية في إحدى الأيام، وكان الداعي يرتدي الغترة والعقال، حينما نزعها عن رأسه كشف عن شعره الطويل جدا (أقدره بـ 40 سنتيمتر)، وقد عقده (جدائل أو ضفائر)، ولو أن أي شخص يدعي إنه يتأنث لكانت هذه آخر الكلمات التي يتفوه بها، ولمحي هو وصدى كلماته من الجدران بلمح البصر، فإذا كان البعض من الرجال يطيل شعره إلى هذا الطول فما الطول الذي يجعل شعر المرأة دليلا على استرجالها؟

ربما لا يكون الاسترجال في الشعر، قد يكون في اللبس، فمثلا من الممكن أن تلبس الجراحة البدلة الرجالية، أو النظارة الرجالية، أو ربما تضخم من صوتها، أو تدخن السجائر، أو تمشي مثل الرجال، أو أنها بدلا من أن تتصف بشيء “رجولي”، تتصف بعدم وجود شيء، شيء لا يقوم به الرجال، فمثلا لا تلبس الحرير والذهب كما لا نلبسه نحن المسلمون مثلا، فتصبح كالرجال الذين لا يلبسونها، وبذلك تسترجل، لا أدري.

قد لا يكون معنى مسترجلات مرتبط تماما بالشعر أو اللبس أو النظارة أو المظهر الخارجي، ربما يكون أسلوب الطبيبة هو الدليل على إنها استرجلت، قد تكون صرامتها وجزمها وثقتها في نفسها وهو الدليل على رجولتها، هل يجب أن تكون المرأة غير واثقة من قدراتها في الجراحة، وفي قراراتها في إجراء العملية وفيم تنصح به المريض لإضفاء الثقة عليه وعلى الإجراء الذي ستقوم به؟ لا يهم أن تكون واثقة من قدراتها، ولا علمها، ولا جراحتها، المهم أن يراها بعض الرجال كأنثى تقليدية ضعيفة الشخصية حتى تطمئن قلوبهم، على الطبيبة أن تكون صاغرة، غير واثقة، مهزوزة، عاطفية، حتى تكون طبيبة جراحة غير مسترجلة، لا أدري.

أو ربما تكون كلمة الطبيبة المسترجلة هي مرادف للطبيبة غير المتزوجة، كلاهما يعني نفس الشيء، وبهذا نفتح مشكلة مع العوانس أو المطلقات أو الأرامل اللاتي لا ذنب لهن في عدم وجود رجل في حياتهن لكي يثبتن أنوثتهن، لا أدري.

نحتاج لمختص يضع لنا قائمة بالصفات الخارجية التي إن اتصفت بها امرأة تصنف على إنها مسترجلة، وإلا في هذه الحالة لن نستطيع أن نعرف المقصود بالكلمة.

لعل المقصود إن كل ما ذكرته من صفات رجولية مشتركة تؤدي إلى أن تصبح الجراحة المتميزة جدا مسترجلة، يجب أن تتصف المرأة بجميع صفات الرجال الظاهرية حتى تصبح مسترجلة، وهناك قصة على هذه الشيء، قد تنفع في مثل هذه الحالة… أو قد لا تنفع.

لقد سجل التاريخ حالة غريبة لشاب اسمه جيمس باري (James Barry)، دخل إلى الجامعة بأدنبرة في عام 1809 وتخرج بصعوبة عام 1812، الصعوبة لم تكن لقلة ذكائه، إنما كان لعدم رغبة الجامعة في أن تخرج شابا بعمره، حيث كان صوته يظهره وكأنه لم يبلغ، وملامحه كانت تدل على أنه لم يتعد سن البلوغ، ومع هذه المصاعب استطاع جميس التخرج كطبيب.

بعد سنوات أخرى من العمل كطالب طب في مستشفى توجه جيمس للعمل في الجيش، وأثناء عمله هناك عالج ابنة الفريق في الجيش اللورد تشارلز هنري سمرست (Lord Charles Henry Somerset)، وأصبح مقربا له، وفي أثناء عمله أسس لأمور هامة جدا، منها في تطهير الماء، وتحسين حال المستعبدين والسجناء ومرضى العقل، وقام جيمس بواحدة من أولى العمليات القيصرية الناجحة، حيث نجت الأم وطفلها من الموت، إلى درجة أن الطفل لقب باسمه “جميس باري ميونك (James Barry Munnik).

ارتقى جيمس المناصب القيادية إلى أن وصل إلى مستوى Principal Medical Officer، وأصبح طبيبا متميزا جدا على مستوى بريطانيا كلها، كان يكره المعاناة التي لا داعي لها، وكان يطالب بقوة في تحسين أحوال الفقراء رغم عدم قبول وأحيانا غضب القياديين في الجيش من توجهه.

أرغم على التقاعد من في عام 1589 بعد أن أصبح كبيرا في السن، وبعد ذلك بفترة قصيرة من وفاته اُكتشف إن جسده جسد امرأة، وإن هناك دلائل على بطنها تؤشر إلى كونها حاملا في الصغر، واكتشفت لاحقا رسائل قديمة لها كتبت فيها لأخوها: “لو لم أكن بنتا لكنت جنديا.” لقد كان جيمس باري امرأة، مارست الطب… واسترجلت [5]https://en.wikipedia.org/wiki/James_Barry_(surgeon

إذن هذه حالة ربما تطابق الاسترجال لجراحة، ولكن استخدام هذه الحالة الشاذة هو شذوذ في التفكير بحد ذاته، وكما يقول قال كلمة استرجال النساء: “الشذوذ لا يبطل القاعدة،” فمشكلة جيمس باري الأساسية، في إنها كانت تريد أن تصبح جراحا في عالم الجراحة الذكوري البحت، عالم لا يسمح للمرأة بالدخول إلى مهنة الطب ناهيك عن دخوله في الجراحة. جميس باري استطاعت أن تصبح جراحة فقط حينما أرغمت على إخفاء طبيعتها، كونها جراح متميز لا يعود لسبب استرجالها، إنما استرجالها كان سببه منع النساء من أن يصبحن جراحات.

منع النساء من الطب

عن أي منع أتكلم؟ لنبدأ بالقرن الرابع عشر، في تلك الفترة لم يسمح للنساء بالعمل في مهنة الطب، ففي عام 1313 لم يسمح للنساء بالعمل في الجراحة في باريس إلا إذا حُكِّم مجموعة من المحكمين المؤهلين، وسمح فقط للنساء الأرامل بإجراء العمليات على أزواجهن المتوفين في القرن الرابع عشر والخامس عشر.

أما عن بريطانيا فملكها هنري الثامن الذي يعود إلى القرن الرابع عشر، قال: “لا يسمح للنجار ولا للحداد، ولا للخياط ولا للنساء ممارسة الجراحة”، دعني أعيد صياغة الجملة بأسلوب آخر قد نفهمه في عصرنا هذا: “لا يسمح للنجار ولا للحداد ولا للخياط ولا السود بممارسة الطب،” أو حتى الحضر أو البدو أو السنة أو الشيعة، كيف أصبح نصف المجتمع مهمش لا على تقييم قدراته إنما على عنصره؟

بل سمح بعد ذلك بإعطاء الحق للجراحة للحلاقين وأبقى المنع على النساء ساريا. أمر غريب، ولكنه يبين حتى إن الشخصيات المرموقة بإمكانها أن تخطأ وتقود أعداد كبيرة من الناس إلى الوقوع في الخطأ ذاته لعشرات أو مئات السنوات.

لكن مع ذلك كانت النساء تمارس الجراحة رغما عن المنع، وحتى رغما عن عدم حصولهن على دراسة رسمية تسمح لهن بممارسته. ومن إحدى تلك النساء جيمس باري، امرأة لم يحالفها الحظ في أن تعيش في زمننا حيث أصبحت حقوق النساء مقاربة لحقوق الرجال في التطبيب، فاضطرت لأن تعمل فيم تحب بتمويه مطلق عن شخصيتها الطبيعية.

وفي نفس الفترة التي عاشت فيها الدكتورة جيمس باري، حاولت إليزابيث بلاكويل (Elizabeth Blackwell) الدخول إلى الطب وعورضت من 20 جامعة طبية في الولايات المتحدة، وفي النهاية قبلت في كلية جنيفا للطب، وليس عن طريق قبول الجامعة نفسها، إنما حينما صوت الطلاب لقبولها، ويُعتقد إن الطلاب كانوا يظنون أنها لن تنجح لكونها امرأة، ولذا صوتوا لها، ولكنها تخرجت من الجامعة عام 1849 بجائزة ذهبية، وحتى بعد ذلك لم تحصل على فترة التخصص في الطب (Residency) من أي جهة، وانتهى بها المطاف أنها قبلت كممرضة في فرنسا، كانت تحلم بأن تصبح جراحة، ولكنها أصبحت ممرضة، ثم افتتحت كلية نسائية طبية، وإن كانت تعارض الفكرة، لأنها لم ترد أن تحصل النساء مستوى تعليمي منخفض بالعزلة عن الكليات التي أسست مسبقا، لم تُقدّر على إنها أول امرأة طبيبة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا بعد 40 عاما من حصولها على الشهادة، تخيل حجم المعاناة.

الدكتورة إميلي جينينغز ستو (Dr. Emily Jennings Stowe)، كانت أول امرأة طبيبة كندية، قال لها عميد جامعة أبر كندا (University of Upper Canada): “الأبواب ليست مفتوحة للنساء، وأعتقد إنها لن تفتح أبدا.” حينما قدمت لدراسة الطب، فردت عليه: “سأجعله شغلي الشاغل التأكد أن أبواب الجامعات الطبية الكندية تفتح، وأن النساء يحصلن على نفس فرص الرجال،” تخرجت من جامعة نيويورك الطبية عام 1867، ولكنها لم تعط التصريح بالعمل كطبيبة إلا بعد 13 سنة، ولكن فوزها بالتقدير أعطى ابنتها الفرصة للدخول في الطب، فقد حصلت ابنتها على شهادة طب من الجامعة الكندية عام 1883، وكان ذلك فخرا لها.

هناك قصص كثيرة لمعانات النساء في الدخول إلى الجامعات الطبية، قصص لا تحصى ولا تعد، ولا يمكن حصرهن في هذه الحلقة، ولكن لمن أراد المزيد يمكنه زيارة موقع US National Library of Medicine National Institute of Health لمعرفة المزيد[6]https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2724816/.

الرجال في الجراحة أكثر من النساء

لغز: رجل وابنه تعرضوا لحادث سيارة، توفي الأب، وأدخل الابن الجريح إلى المستشفى، طلبوا كبير الجراحين لإجراء العملية على الابن، أتى الدكتور إلى غرفة العمليات، ونظر إليه فرفض القيام بالعملية لأن الولد ابنه. كيف؟

فكر في اللغز، تستطيع أن توقف البودكاست لمحاولة حله إن لم تسمعه من قبل.

الإجابة على اللغز هو إن الجراح أم الولد، الكثير من الناس تعرف اللغز، ولكن عند سماعه لأول مرة ستجد أن الكثير منهم لا يعرف الإجابة، ابحث عن اللغز في الإنترنت، وستجد محاولة البعض حل اللغز بقوله مثلا أن الجراح قد يكون الجد أو العم، وكلمة ابن تعبر عن صلة القرابة القوية بينهما، أو أن الدكتور هو الأب الحقيقي للولد وذلك الذي توفي لم يكن سوا قريب للولد، وستجد أن البعض يستحيل عليه فهم كيف يكون للطفل أب آخر، هذا أمر غريب ألا يخطر على البال أن الجراح أمه، لماذا؟ لأن لدينا انحياز إن الجراحين في العادة رجال.

قد تقول إن لغة اللغز تشير إلى مذكر: “أتى الدكتور إلى غرفة العمليات، ونظر إليه فرفض القيام بالعملية لأن الولد ابنه،” بدلا من: ” أتت الدكتورة إلى غرفة العمليات، ونظرت إليه فرفضت القيام بالعملية لأن الولد ابنها.” أصل هذا اللغز مأخوذ من اللغة الإنجليزية، وفي الإنجليزية يمكن كتابة اللغز بكلمات لا تعبر عن رجل أو امرأة، ومع ذلك فإن الغالبية من الناس في الغرب لا يخطر على أذهانهم أن الجراح امرأة. وهذا انحياز ضد المرأة الجراحة.

يذكرني هذا اللغز والانحياز الذي فيه بقصة من أحد أعز أصدقائي من المملكة العربية السعودية، فقبل رفع الحضر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية أتى إلى الكويت مع أسرته وهو يقود السيارة، وكانت ابنته الصغير تطل من نافذة، وهي تعلم أن قيادة المرأة للسيارة أمر ممنوع، نظرت إلى السيارة المجاورة لسيارة أبيها في الكويت، واندهشت لرؤيتها امرأة محجبة تقودها، فقالت لأبيها ببراءة تامة: “بابا! رجل يلبس الحجاب.” من شدة اعتقادها أن المرأة لا تقود السيارة عقلها الصغير البريء فضل أن يصدق أن رجلا يردتي الحجاب على امرأة تقود السيارة.

الإحصائيات التي نشرت حول دخول المرأة في مجال الجراحة تبين تسرب النساء من الطب أكبر من الرجال. إحصائيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا (NHS) تبين إن 14.5% من النساء يصبحن استشاريات بالمقارنة مع الرجال، مع إن نسبة النساء اللاتي تدخلن إلى كليات الطب يعادل 54% بالمقارنة مع الرجال، فما الذي حدث للنساء لكي يتسربن من الدراسة؟ هل النساء أقل ذكاء من الرجال؟ أو هل النساء تكتشف مع مر الوقت أن الجراحة ليست محبذة لديهن؟

دراسة نشرت في مجلة The American Journal of Surgery بعنوان: مشاكل أسرية تصيب النساء في الطب خصوصا النساء الجراحات، 75% من النساء الجراحات يتعرضن للتمييز الجنسي في عملهن، الجرّاحة نيامي ويلسون (Niamey Wilson) كتبت مقالة تقول فيها أنه حينما تذهب إلى المرضى بملابسها الطبية الرسمية كان يعتقدون أنها ممرضة في العادة، وهذا يبين كيف إن الناس بشكل عام ينحازون للرجال دون الإناث في مهنة الجراحة.

وقد سمعت نيامي عن جراحة أخرى أن جراحا زميلا لها ذكر أن الفائدة الوحيدة للجراحات النساء في غرفة العمليات هو أن يكنّ متبرعات بالأعضاء. تخيل أن مثل هذا الكلام يصدر من جراح لزميلة جراحة بنفس مستواه. فكيف بالمرضى؟

الجراحة نيامي ويلسون مختصة بجراحة أورام الصدر السرطانية ذكرت أن من شدة سوء بيئة الجراحة، وكونها بيئة ذكورية أصبحت هي تشك في أنوثتها، وتقول إن في هذا العالم لابد أن تمثل الدور الذكوري حتى تحترم، وحتى لا ينظر الرجل إليها كإمرأة ضعيفة ويحترمها، وحتى تثبت نفسها في عملها عليها أن تكون أفضل من الرجال، ضغط آخر على النساء الجراحات، هذا الدور الذي يصنف على أنه استرجال ليس إلا دور تمثيل قامت بهذه هذه الطبيبة المتميزة لكي تتأقلم مع البيئة المحيطة، ولكنها لا تزال أنثى، وأما، وزوجة رغم الظروف[7]https://www.huffpost.com/entry/the-secret-world-of-women-surgeons_b_8110786.

دراسة استفتائية تبين إن 34% النساء اللاتي هجرن الجراحة كانت بسبب أنهن يودن أن يوازن حياتهن الشخصية والعائلية مع طبيعة وظيفتهن، و14% منهن يعتقدن إن الجراحة لا تزال مثل الأندية الذكورية التي لا تسمح للنساء باقتحامها. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني إن البيئة لا تزال غير مهيأة للنساء بالعمل في الجراحة بشكل عام، فالوظيفة من الناحية العملية بقوانينها الرسمية أنشأت لتتناسب مع الرجل لا المرأة، فمثلا، لا يوجد ما يدعم المرأة الجراحة في طبيعتها الجسمانية مثل إذا ما حملت (طبعا هذا بشكل عام، فبعض الدول بدأت بتطبيق لوائح تساعد الجراحات الحوامل على التأقلم مع البيئة الجراحية)، هذا من ناحية.

وكذلك التصور العام لدى الرجال أن المرأة غير صالحة للجراحة يزيد العبء على النساء لإثبات أنفسهن فوق ما يحتاج أن يقوم به الرجل، كمثال تخيل إنك تدخل إبنك إلى مدرسة قوية في الدراسة وفيها الكثير من التنمر، سيحتاج لأن يقضي الكثير من الوقت ليس فقط في الدراسة إنما في مقاومة التنمر، فإما أن يقوم بالإثنين لكي يجتاز المراحل الدراسية أو يهجر المدرسة لأنه لم يتحمل التنمر. ما الحل؟ حتى تنجح الجميع عليك أن تزيل التنمر، ولا أقصد هنا أن التنمر صفة الرجال الجراحين، أبدا، إنما قصدت أن أوضح بمثال[8] … Continue reading.

لنأخذ الدكتورة ماريا سيميوناو المعاصرة التي رزعت وجها لكوني، حينما تقدمت لتصبح جراحة في اليد، حيث كان هناك منصبا واحدا شغرا تقدم له الكثير من الناس، وكانت مؤهلة جدا لدخولها فيه خصوصا أن أبحاثها العلمية تشفع لها، سألها رئيس الوحدة سؤالا غريبا، سألها إن كانت راغبة في أن تنجب أطفالا أخرين غير كريس، هذا السؤال لا يُسأل من الرجال، وتقول الدكتورة سيميوناو في كتابها وجها لوجه: تاريخ موجز لزراعة الوجه (Face to face: A Short History of Face Transplantation): “اليوم، هذا السؤال يدخل الرئيس والمؤسسة في وعاء من المشاكل القانونية.” تقصد بذلك أ، في يومنا هذا لم يعد لهذا السؤال مكان.

هل تعتقد أن سؤالا مثل هذا يطرح الرجال؟ وماذا يحدث لو سئل رجلا هذا السؤال؟ وهل هذا السؤال يشكل ضغطا على النساء لكيلا يخضن في الجراحة؟ بكل تأكيد مثل هذه الأسئلة إقصائية.

قد تقول إن الجراحة تتطلب أن تكون المرأة حرة من الارتباط في الأسرة، ويجب ألا تحمل وتنقطع عن عملها أو تؤدي بوجه غير كامل، سؤالي هو من قال أنه يجب ألا تنقطع المرأة عن الجراحة لفترة تتناسب مع حملها؟ ولماذا لم توفر لها البيئة المناسبة لذلك؟ هل لأننا تعودنا على بيئة أنشأت فقط للذكور؟

إذا ما ذهبت إلى موقع كلية الجراحين الملكية بإنجلترا ستجد نصائح تقدم دعما للنساء الجراحات، بدلا من الوقف ضدهن في أوقات الحمل، تقدم لهن نصائح عامة كثيرة لكل ثلث من فترات الحمل حتى تتبعها أثناء العمل، وكذلك توفر لهن نصائح وضعت قانونيا خصيصا لهن، فبإمكانها أن تطالب بتغير ساعات العمل ليتناسب مع حالتها، وبإمكانها الاستفادة من العطل التي تقدم لهن أثناء الحمل، والاستفادة من البيئة المناسبة لرضاعة أبنائهن أثناء العمل أيضا، وكذلك توفر الحكومة للجراحات ناني للاهتمام بالطفل[9]https://www.rcseng.ac.uk/careers-in-surgery/women-in-surgery/parenthood-with-a-surgical-career/.

بعد أن معاتبة عدد من الناس الشخص الذي طرح فكرة استرجال النساء الجراحات، وبعد أن وضع تحت ضغط التواصل الاجتماعي، أنزل فيديو آخر يوضح فيه سياق الفيديو الأول، وخفف من حدة الطرح قليلا، بعد أن قال: “لا توجد جراحة إمرأة في العالم متميزة” أصبحت الجملة مخففة، وفيها ثغرات بالإمكان استخدامها وقت الحاجة، فهو لم يقصد الجراحة العادية الموجودة عندنا في عالمنا، إنما على مستوى العالم الغربي، وبعد أن كانت الجملة قاطعة في عدم وجود جراحات عالميات متميزات بشكل قطعي، أصبحت: “لا توجد جراحات متميزات إلا في النادر.”، والكلمة الإضافية هنا “نادر”، كلمة فضفاضة، لا يعلم كم عدد الجراحات المطلوب لكي لا تصبح نادرات.

بعد أن بدأت بتجهيز أسماء متعددة لجراحات نساء متميزات متزوجات غير مسترجلات لإثبات وجودهن، أوقفتني هذه الجملة عن الاستمرار في ذلك الصوب، لماذا؟ لأني لو أتيت بعشرة أسماء عالمية، لقيل أنهن من النادرات، ولو أتيت بمئة، لربما كانت أيضا هذه ندرة بالنسبة للبعض، ورغم أنني وجدت عدد لا بأس به من المتميزات، إلا أنني قررت أن أواجه هذه الجملة بطريقة أذكى، وهو عن طريق الأبحاث التي لا تدل على عدد محدد من الجراحات المتميزات، إنما على الفرق بين الجراحات النساء والرجال، ولمن الأفضلية، فبهذا بدلا من أن أبحث عن واحدة أو اثنتان أو عشرة أو حتى مئة جراحة حتى أبين تأثير الجراحات النساء على صحة الناس، بحثت في التأثير الكلي للجراحات النساء، وبهذا لا يمكن الرد على هذا البحث بمنطق الندرة.

دراسة علمية نشرت مجلة BMJ، عملت مقارنة بين الرجال والنساء الجراحين في كندا، وخلصت إلى أن من بين 104,630 مريض أجريت له عملية، فإن الناس الذين توفوا على يد الجراحات النساء أقل ممن توفوا على يد الجراحين الرجال بنسبة بسيطة جدا، وكذلك كشفت أن نسبة الوفيات خلال 30 يوم بعد العملية كانت أقل عند الجراحات أيضا بنسبة بسيطة، وأن لا فرق كبير بين الرجال والنساء وإن كن النساء أفضل بقليل، وهذه ليست الدراسة الأولى التي تبين تساوي الجراحات النساء مع الرجال مع القليل من التفاضل، وهناك دراسة أخرى نشرت أيضا في مجلة JAMA تبين نسبة الوفيات بالنسبة لأطباء الباطنية بين الرجال والنساء، وادعت الدراسة أن لو أن الأطباء الرجال استطاعوا الحصول على نفس نسب النساء في النجاح لكانت من المحتمل أعداد الناس الذي ينجون من الوفاة سنويا 32,000 شخص. بل وجدت العديد من الدراسات التي تبين أفضلية الطبيبات سواء إن كن في الجراحة أو الطب العام على الأطباء الرجال، سواء في تخفيض الوفيات أو حتى تخفيض حاجة المريض للعودة إلى المستشفى مرة أخرى، وتعزى أسباب نجاح المرأة على الرجل لعدة أسباب منها أسلوب التواصل مع المريض، والتزامهن بالقواعد الإرشادية الطبية أكثر من الرجالة[10]https://www.bmj.com/content/359/bmj.j4366 [11]https://jamanetwork.com/journals/jamainternalmedicine/fullarticle/2593255

نتساءل، هل في هذه الحالة يجب تقديم النساء على الرجال في تخصصات الجراحة؟ هل من المفروض بما إن الجراحات أفضل من الجراحين بقليل، إذن لابد أن نرفع أعداد الجراحات على حساب الجراحين؟ بالطبع لا، فمن المفروض أن يتم بحث الأسباب التي تجعل النساء أكثر نجاحا من الرجال في العلاج، وبذلك يمكن تدريب الرجال لتحسين طرقهم في التعامل مع المريض، وتحسين اتباعهم للإرشادات الطبية، وغيرها من الأسباب التي لا تزال تخفى على الأطباء. المهم، ليس من المفروض أن نميز بين الإثنين في الدخول إلى المهنة، والفرصة يجب أن تعطي للإثنين بالتساوي حتى نضمن حياة أفضل للمرضى.

وإذا استطعنا أن نفهم الذي يجعل النساء أكثر نجاحا من الرجال في الجراحة، ثم دربنا الرجال على الطرق التي تتبعها النساء، ثم بعد سنوات في المستقبل حينما نستطيع أن نوازن الإحصائيات في أداء الرجل المرأة، هل نأتي ونقول: “”لا يوجد جراح رجل في العالم متميز، وإن وجد فهو أحد اثنين: إما أنه متزوج… أو إنه مستأنث”؟ بالطبع سنحترم الرجل الذي قدم من حياته الكثير حتى يصبح جراحا، ذلك الإنسان الذي يفيق في منتصف الليل حتى يهرع لإنقاذك حياتك، وكذلك سنحترم المرأة لأنها تقدم بنفس مستوى الرجل.

حينما تسأل ابنك (أو ابنتك) “ماذا تود أن تصبح في المستقبل؟” يقول: “أود أن أصبح مهندسا” أو “أحب أن أصبح رسامة” أو “أتمنى أن أصبح فزيائي” أو “أحلم أن أصبح جراحة”. لن تسمعهم يقولون: “بابا، أود أن أصبح مهندسا أسود” إذا كان لون جلده أسود، أو “ماما، أحب أن أصبح رسامة سنية”، أو “ماما، أتمنى أن أصبح فيزيائي قبلي” أو  “بابا، أود أن أصبح جراحة امرأة”، الصغار يحلقون بأحلامهم ليروا أنفسهم يعملون في مهنة بعض النظر عن العنصر، لديهم شغف في علم أو مهنة معينة، يرون أنفسهم فيها، ولكن بمجرد اصطدامهم في الواقع، ويكون تمييز، سترى المندس الأسود، والرسامة السنية، والفيزيائي القبلي والجراحة الامرأة.

من ينشئ هذا التميز؟ نحن ننشئه بطريقة تعاملنا مع المختلف، نحن ننشئه بكلماتنا، نحن ننشئه بأفكارنا، صحيح أننا لا زلنا نعيش بأيدي وألسنة وعقول قديمة في الكثير من مجالات حياتنا، إلا إن مجال الجراحة يتيغر لصالح النساء، فبحسب الإحصائيات فإن معدل دخول المرأة إلى الجراحة يكبر، وإن أعداد النساء القيادات بدأت بالازدياد مع إعطائهن الفرص، ففي ورقة علمية بعنوان: “القيادة في الجراحة الأمريكية، النساء يرتقين للقمة (Leadership in American Surgery: Woman are rising to the top)” للدكتورة سوزان بوريس (Susan Pories) وزملائها تذكر أسماء كثيرة لجراحات متميزات ارتقين المستويات العليا في القيادة، ولكن لا تعتبر إلا بداية للمرأة في أخذ موقعها في هذا العالم، أفسح المجال لمن يريد أن يتوجه للورقة العلمية للبحث فيما إذا كانت تلك المتميزات مسترجلات أو غير متزوجات[12]https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/30048312.

شيء محرج أنك تبحث عن جراحة مرموقة ثم تتساءل ما إن كانت متزوجة أو بطبيعة معينة، وكأن تعريف المرأة يأتي من خلال زواجها أو طبيعتها، وكأن إنجازاتها لا تتكلم عنها. لو كانت المرأة تعرّف بزواجها أو بزوجها لكان Connie Culp تعرف بزوجها الذي دمر وجهها بطلقة.

هذه الحلقة إهداء لزوجتي العزيزة الدكتورة عايدة علم دار، ليست جراحة، ولكنها طبيبة متميزة جدا، تخرجت من الثانوي الرابعة على الكويتيين، وهي اليوم طبيبة متميزة بغض النظر عني زواجها أو زوجها أو طبيعتها.

المصادر

المصادر
1 https://en.wikipedia.org/wiki/Connie_Culp
2 https://en.wikipedia.org/wiki/Maria_Siemionow
3 https://www.webmd.com/skin-problems-and-treatments/news/20090506/surgeons-describe-first-us-face-transplant#1
4 https://www.ranker.com/list/famous-female-surgeons/reference
5 https://en.wikipedia.org/wiki/James_Barry_(surgeon
6 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2724816/
7 https://www.huffpost.com/entry/the-secret-world-of-women-surgeons_b_8110786
8 https://digital.nhs.uk/data-and-information/find-data-and-publications/supplementary-information/2018-supplementary-information-files/staff-numbers/consultants-and-doctors/surgeons-by-gender—speciality-and-grade
9 https://www.rcseng.ac.uk/careers-in-surgery/women-in-surgery/parenthood-with-a-surgical-career/
10 https://www.bmj.com/content/359/bmj.j4366
11 https://jamanetwork.com/journals/jamainternalmedicine/fullarticle/2593255
12 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/30048312

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى